ما هو السكري الكاذب وما أعراضه؟

كثيرًا ما يخلط الناس بين مفهوميّ السكري والسكري الكاذب نظرًا لتشابه الحالتين في بعض الأعراض، وفي هذا المقال سنعرض أبرز المعلومات المتعلقة بالسكري الكاذب.

تعريف السكري الكاذب

يُمثل السكري الكاذب (Diabetes insipidus) أحد أمراض الكلى التي يترتب عليها إنتاج كميات كبيرة من البول المخفف نتيجة عدم قدرة الكلى على تركيز البول بنحوٍ كافٍ، على عكس مرض السكري الشائع والذي يؤثر في البنكرياس بشكلٍ أساسي مُسببًا ارتفاع مستويات سكر الدم، وهُنا لا بد من الإشارة إلى أنّ السكري الكاذب يكون ناجمًا بصورةٍ أساسية عن انعدام أو نقص مستويات الهرمون المانع لإدرار البول المعروف علميًا بهرمون الفازوبرسين (بالإنجليزية: Vasopressin)، أو قد يكون ناجمًا عن مقاومة الجسم لهذا الهرمون فلا تتم الاستجابة على النحو اللازم، ويُستدل على الإصابة بحالة السكري الكاذب من خلال ثلاثة أعراض رئيسية، وهي: كثرة الشعور بالعطش، وكثرة التبول، وخروج بول مُخفف مُقارنةً بالوضع الطبيعي؛ إذ إنّ الشخص الطبيعي يطرح البول بمقدار 1-2 لتر يوميًا، في حين أنّ المُصابين بالسكري الكاذب يتراوح معدل طرحهم للبول بين 3-20 لتراً يوميًا.^[١][٢]

من الجدير ذكره أنّ مرض السكري الكاذب يُعتبر مرضًا نادرًا؛ فوفقًا لدراسةٍ نشرتها مجلة (Indian journal endocrinology metabolism) عام 2016م، فإنّ معدل الإصابة بمرض السكري الكاذب يبلغ شخص واحد من كل 25 ألف شخص.^[٣]

أعراض السكري الكاذب

• أعراض السكري الكاذب عند البالغين:^[٤]
• التبول بكمياتٍ كبيرة وبصورةٍ مُتكررة، بحيث يتراوح مجموع كمية البول التي يطرحها الجسم يوميًا بين 3-20 لتراً، تتفاوت من شخصٍ لآخر تبعًا لشدة الحالة، ويُلاحظ بأنّ الشخص قد يحتاج لاستخدام دورة المياه كل 15-20 دقيقة، ونظراً لكثرة التبول يميل لون البول إلى الشفاف.
• الشعور بالعطش الشديد المُتكرر، وقد يشعر الشخص بالجفاف طوال الوقت على الرغم من كمية الماء الكبيرة التي يشربها.
• أعراض السكري الكاذب عند الأطفال الرضع: في الحقيقة يصعُب تمييز العطش الشديد كأحد أعراض السكري الكاذب لدى الأطفال صغار السنّ الذين لم تتطوّر لديهم القدرة على الحديث بَعد، ومن أبرز الأعراض التي يُستدل منها على إصابتهم بالسكري الكاذب ما يأتي:^[٤]
• البكاء الشديد والمستمر.
• التهيج وسرعة الغضب.
• النمو بصورةٍ أبطأ من المعدل الطبيعي.
• ارتفاع درجة حرارة الجسم.
• انخفاض الوزن دون سبب واضح لذلك.
• أعراض السكري الكاذب عند الأطفال الأكبر سنًا، وقد تتضمن الآتي:^[٤]
• سلس البول، أو التبول اللاإرادي، الذي يشيع أيضاً بين الأطفال من غير مرضى السكري الكاذب.
• فقدان الشهية.
• الشعور بالتعب العام طيلة الوقت.

أسباب وعوامل خطر السكري الكاذب

تختلف أسباب السكري الكاذب تبعًا للنوع، وذلك كما يأتي:^[٥][٦][٧]

• السكري الكاذب المركزي: (بالإنجليزية: Central diabetes insipidus) قد تكون بعض الأسباب غير معروفة، والجدير بيانه أنه يُعدّ أكثر أنواع السكري الكاذب شيوعاً، ويحدث عادةً نتيجة خلل في إفراز أو تخزين هرمون الفازوبرسين، والذي ينتج عادة من حدوث تلف في منطقة تحت المهاد أو الغدة النخامية، ومن أهم أسباب هذه الحالة ما يأتي:
• إصابة في الرأس.
• انسداد الشرايين أو انتفاخها.
• العدوى، أو الالتهاب.
• الجراحة.
• الأورام.
• خلل وراثي في الجين المسؤول عن إفراز هرمون الفازوبروسين.
• السكري الكاذب الكلوي: (بالإنجليزية: Nephrogenic diabetes insipidus) ويحدث هذا النوع عند عدم استجابة الكلى لهرمون الفازوبرسين وسحب كمياتٍ كبيرة من السوائل من مجرى الدم، ومن الأسباب الممكنة لهذه الحالة ما يأتي:
• انسداد المسالك البولية.
• أمراض الكلى المزمنة.
• ارتفاع مستويات الكالسيوم في مجرى الدم.
• انخفاض مستويات الصوديوم في مجرى الدم.
• استخدام أنواع معينة من الأدوية؛ مثل دواء الليثيوم.
• بعض الحالات تنتج عن خلل وراثي أو طفرة جينية تؤثر على قدرة الكليتين على الاستجابة للفازوبروسين.
• سكري العُطاش الكاذب: (بالإنجليزية: Dipsogenic diabetes insipidus) والمعروف أيضًا بالعُطاش الأولي، وينتج عن حدوث خلل في الجزء المسؤول عن التحكم بالعطش في منطقة تحت المهاد، ويترتب على ذلك انخفاض مستويات هرمون الفازوبرسين التي يُنتجها الجسم، مما يؤدي إلى زيادة التبول، ومما يجدر ذكره أنّ الأسباب والعوامل الكامنة وراء حدوث سكري العطاش الكاذب تتشابه مع تلك المسببة للسكري الكاذب المركزي.
• السكري الكاذب الحملي: (بالإنجليزية: Gestational diabetes insipidus) كما يُظهر المصطلح فإنّ هذا النوع من السكري الكاذب يظهر لدى السيدات في فترة الحمل، وتكون معظم الحالات خفيفة بحيث لا تتسبّب بأيّ أعراض وتزول من تلقاء ذاتها بعد الولادة، إلّا أنّ هذه الحالة قد تُعاود الظهور مرةً أخرى في الأحمال اللاحقة، وبشكلٍ عام يحدث السكري الكاذب الحملي نتيجة إفراز المشيمة إنزيم من شأنه تحطيم هرمون الفازوبرسين.

تشخيص السكري الكاذب

يقوم الطبيب عادة بتشخيص مرض السكري الكاذب من خلال البحث في الأعراض التي يُعاني منها المريض، بالإضافة إلى الحصول على السيرة الطبية لعائلة المريض؛ وذلك كون المرض قد يكون وراثياً في بعض الحالات، وبما أنّ أعراض السكري الكاذب تتشابه بقدر كبير مع مرض السكري؛ فإنّ الطبيب يحتاج إلى إجراء مجموعة من الفحوصات التي تؤكد أو تنفي الإصابة به، ويكون ذلك على النحو التالي:^[٨][٩]

• الفحص الجسدي، ويتضمن ذلك الكشف عن الجفاف الذي يُعد أحد المخاطر المترتبة على الإصابة بالسكري الكاذب، ومن مؤشرات الإصابة بالجفاف مُعاناة الشخص من جفاف الجلد الشديد.
• تحليل البول، ويُعد من التحاليل المهمة في التفريق بين مرض السكري والسكري الكاذب، ويهدف التحليل إلى الكشف عما يأتي:
• مدى تركيز البول.
• مستوى سكر الجلوكوز في البول.
• مقدار البول الكلي الذي يطرحه المريض في اليوم؛ وغالباً ما يكون ذلك من تجميع البول على مدى 24 ساعة.
• تحليل الدم، ويهدف إلى الكشف عما يأتي:
• مستوى هرمون الفازوبرسين في الدم.
• مستوى الصوديوم في الدم، والذي قد يتم الاعتماد عليه لتحديد نوع السكري الكاذب الموجود.
• اختبار الحرمان من الماء (بالإنجليزية: Water Deprivation Test)، يُجرى هذا الاختبار تحت إشراف مقدم الرعاية الصحية، ويتوقف فيه المريض عن شرب جميع أنواع السوائل لعدة ساعات لمعرفة مدى استجابة الجسم لذلك، فمريض السكري الكاذب يستمر بطرح كميات كبيرة من البول المخفف على عكس المتوقع للشخص الطبيعي الذي توقف عن شرب السوائل، كما يتم قياس مستوى كل من السكر، والكالسيوم، والبوتاسيوم في الدم والبول، وقد يشير ارتفاع مستوى السكر في البول على وجود مرض السكر، بينما يشير انخفاض كل من المواد السابقة في البول إلى مرض السكري الكاذب.
• التصوير بالرنين المغناطيسي، ويهدف إلى الكشف عمّا إذا كان هُناك أيّ مشاكل في منطقة تحت المهاد أو الغدة النخامية، إذ إنّ وجود خلل فيها قد يؤثر في إنتاج وإفراز هرمون الفازوبرسين.

علاج السكري الكاذب

في الحالات الخفيفة جدًا، قد لا يكون من الضروري علاج مرض السكري الكاذب طالما أن الشخص يستطيع تعويض الماء الذي يخسره للحفاظ على كمية السوائل الطبيعية في الجسم، حيث يرتكز الهدف الرئيسي علاج السكري الكاذب على شرب كميات كافية من السوائل لمنع حدوث الجفاف، ويجدر على المريض الالتزام بالإرشادات والأدوية التي يصفها الطبيب، واتباع التعليمات التي تُمكن من السيطرة على الجفاف وتقليل احتمالية التعرض له، وفيما يأتي بيان لآلية العلاج تبعًا للنوع:^[١٠][١]

• السكري الكاذب المركزي: في هذا النوع يعمل الأطباء على تعويض النقص في هرمون الفازوبرسين من خلال وصف دواء الديزموبريسين (Desmopressin) الذي يعتبر بديلاً مُصنعًا للفازوبرسين، ومن الجدير ذكره أنّ هذا الدواء فعال في السيطرة على الأعراض ولكنّه غير قادر على علاج المرض بشكلٍ تام.
• السكري الكاذب الكلوي: قد يقتصر العلاج في الحالات الطفيفة على تقليل كمية الأملاح والبروتينات في النظام الغذائي، بينما في الحالات المتقدمة قد تتضمن الخطة العلاجية ما يأتي:
• علاج المسبب، مثل تبديل الأدوية في حال كانت هي السبب في حدوث السكري الكاذب، وهنا يجب التنويه إلى عدم وقف أو تبديل أي دواء دون استشارة الطبيب.
• وصف أدوية مُعينة؛ مثل مُدرات البول والتي يصفها الأطباء بهدف إزالة السوائل من الجسم، وُهناك نوع من أنواع مدرات البول يُعرف بالثيازيدات (Thiazides) يُقلل من إنتاج البول ويُساعد مرضى الكلى على تركيز البول.
• قد يتم وصف أدوية أخرى إلى جانب مدرات البول؛ مثل الأسبرين أو الآيبوبروفين، إذ إنّها قد تُقلل من حجم البول.
• سكري العُطاش الكاذب: في الحقيقة لم يستطِع الخبراء التوصّل إلى علاج فعّال لهذا النوع، وفي هذا النوع يتمّ اتباع التوجيهات التالية:
• تقديم النصائح للمريض بتمرير رقائق الثلج أو الحلوى الحامضة في الفم لترطيبه وزيادة تدفق اللعاب، مما قد يقلل رغبة الشخص بشرب السوائل.
• وصف جرعة قليلة من دواء الديزموبريسين وقت النوم، ويتمّ ذلك في الحالات التي يُعاني فيها المريض من الحاجة للاستيقاظ عدة مرات ليلًا بهدف استخدام دورة المياه.
• مراقبة مستويات الصوديوم في دم المريض خاصّة في البداية، وذلك بهدف الحدّ من حدوث انخفاض مستويات الصوديوم في الدم.
• السكري الكاذب الحملي: قد يصِف الطبيب دواء الديزموبريسين للنّساء المُصابات بهذا النوع، ومن الجدير ذكره أنّ المرأة لن تكون بحاجة للاستمرار بالعلاج بعد الولادة.

دواعي مراجعة الطبيب

تجدُر زيارة الطبيب بشكلٍ فوري في الحالات التالية:^[١١]

• المُعاناة من أعراض الجفاف، مثل: جفاف العيون والفم الجاف، أو الشعور بالعطش الشديد أكثر من المعتاد.
• الشعور بالدوخة، أو خفة الرأس التي قد تسبق الإغماء.
• الاضطراب الشديد بما يحول دون القدرة على التفكير بشكلٍ واضح.

مضاعفات السكري الكاذب

في الحالات التي يتمّ فيها إبقاء حالة السكري الكاذب دون علاج فإنّ ذلك قد يتسبب بمُعاناة الشخص من بعض المُضاعفات، مع الأخذ بالاعتبار أن اتباع التوصيات والإرشادات من شأنه تقليل احتمالية حدوث هذه المضاعفات، ونذكر منها ما يأتي:^[١٢][١٣]

• الجفاف الشديد الذي قد يكون مصحوبًا بالدوخة والخمول.، ومن علامات الجفاف التي يجب الانتباه إليها: جفاف الفم، وتغير طبيعة الجلد، والعطش، والتعب العام.
• اختلال توازن أملاح الدم الأساسية مثل الصوديوم والبوتاسيوم، ويتمثل أعراض ذلك بالضعف العام، والغثيان، والقيء، وفقدان الشهية، بالإضافة إلى الارتباك وتشنج العضلات.

التعايش مع مرض السكري الكاذب

كما تمّت الإشارة سابقًا فقد لا يكون علاج السكري الكاذب بشكلٍ تامّ مُتاحًا في جميع الأنواع، وعليه فإنّ اتباع إرشادات الطبيب والالتزام بالأدوية التي يصِفها من شأنه المساهمة في السيطرة على الأعراض وبالتالي تحسين قدرة الشخص على الاستمتاع بحياته وممارسة أنشطته ومهامه اليومية.^[١٤]

الوقاية من السكري الكاذب

حقيقةً، لا توجد طريقة مُحددة تضمن الوقاية التامة من الإصابة بالسكري الكاذب، إلّا أنّ هُناك بعض الإجراءات الوقاية التي تلعب دورًا في تقليل احتمالية الإصابة بالمضاعفات والأضرار المُترتبة عليه، ويتضمّن ذلك ما يأتي:^[١٥]

• المراقبة المستمرة لطرح البول.
• المراقبة المستمرة للكشف عن علامات الجفاف.
• اتباع نظام غذائي ذي كميةٍ قليلةٍ من الملح.
• ممارسة النشاط البدني بانتظام للحفاظ على الصحة العامة.