اعتلال العصب السكري

يُعرَف اعتلال العصب السكري (Diabetic neuropathy) بأنّه تضرُّر الأعصاب الناتج عن ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، والذي غالبًا ما يؤثر في الأعصاب المغذيّة للقدمين والساقين، إلا أنّه قد يؤثر أيضًا في الأعصاب المغذيّة للعديد من أعضاء الجسم الأخرى كالقلب، والجهاز الهضمي، والعينين، والأعضاء الجنسية،[١] ومن الأعراض الشائعة له: الشعور بالألم والتنميل، وضعف العضلات خصوصًا في القدمين واليدين.[٢] لكن ما هو علاج اعتلال العصب السكري، وما هي التدابير المساعدة على علاجه؟



علاج اعتلال العصب السكري

لا يوجد علاج نهائي لاعتلال العصب السكري حتى الآن،[٣] وتجدر الإشارة إلى ضرورة بدء إجراء الفحوصات للكشف عن الإصابة باعتلال العصب السكري والتعامل معه منذ اليوم الأول لتشخيص الإصابة بمرض السكري، وذلك لأن التشخيص والعلاج المبكِّر يساعد على الوقاية من الإصابة بالمضاعفات المرتبطة باعتلال العصب.[٤]


يجب أن يتضمن علاج اعتلال العصب السكري اتباع نهج علاجي متكامل وتدريجي يتضمن: اتباع التدابير اللازمة للتحكّم بمستويات السكر في الدم ضمن الحدود الطبيعية، والتخلُّص من الألم في حال وجوده، بالإضافة إلى إرشاد المريض حول كيفية العناية بالقدم وأهمية ذلك،[٥] والسيطرة على أي مضاعفات ناتجة عن اعتلال العصب، وأخذ التدابير اللازمة لإبطاء تقدّم المرض،[٣] وفيما يأتي بيان لعلاجات اعتلال العصب السكري:


السيطرة على مستويات السكر في الدم

يعد اتباع التدابير اللازمة للسيطرة على مستويات السكر في الدم ضمن الحدود المطلوبة التي يحددها الطبيب الخطوة الأهم لإبطاء تقدُّم اعتلال العصب السكري، كما أنّه يساعد على السيطرة على الألم المرتبط باعتلال الأعصاب، إذ إنّ تأرجح مستويات السكر في الدم لأقل وأعلى من المستويات الطبيعية يزيد من شدة الألم،[٤] وتوصي الجمعية الأمريكية للسكري (ADA) معظم مرضى السكري بالسيطرة على مستويات السكر في الدم ضمن المستويات الآتية:[٦]

  • مستوى سكر الصيام قبل الطعام: 80-130 ميليغرام/ديسيلتر.
  • مستوى السكر بعد 1-2 ساعة من تناول الطعام: أقل من 180 ميليغرام/ديسيلتر.
  • مستوى السكر التراكمي: (HbA1c) أقل من 7%.


في الحقيقة عادةً ما ينصح الطبيب بخفض المستويات المرتفعة للسكر في الدم بشكل تدريجي، وقد يساعد اتباع التدابير الآتية على ذلك:[٧]

  • الالتزام بتعليمات الطبيب حول الأدوية التي وصفها للسيطرة على مستويات السكر في الدم.
  • اتباع نظام غذائي غنيّ بالخضروات، والفواكه، ومنتجات الألبان قليلة الدسم، والحبوب الكاملة، بالإضافة إلى تناول كميات معتدلة من الدواجن، والأسماك، والبقوليات، والمكسرات.
  • ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة على الأقل، 5 أيام في الأسبوع. (لعلك تساءلت: ما هي أفضل التمارين الرياضية لمرضى السكري؟)
  • المحافظة على وزن الجسم ضمن المستويات الصحية.
  • اتباع التدابير اللازمة للحد من التوتر.


السيطرة على الألم

يوصي الطبيب بأخذ بعض الأدوية بهدف السيطرة وتخفيف الألم المرتبط باعتلال العصب السكري لدى بعض المرضى، لكن في الحقيقة لا يوجد علاج إلى الآن قد يزيل الشعور بالألم بالكامل،[٨]ويمكن بيان هذه الأدوية على النحو الآتي:[٩]

  • الحبوب الشائعة المسكنة للألم: تساعد هذه الأدوية على التخفيف من الألم البسيط في المراحل الأولى من اعتلال العصب السكري، وتتضمن دواء الباراسيتامول (Paracetamol)، وأدوية مضادات الالتهاب الاستيرويدية (NSAID) كدواء الأيبوبروفين.
  • الكريمات الموضعية المسكنّة: كتلك التي تحتوي على الكابسيسين (Capsaicin)‏ المُستخلَص من الفلفل الحار، ونظرًا لأن مفعوله مؤقت، فيجب إعادة تطبيقه باستمرار، ويُستخدَم عادةً للأشخاص الذين يعانون من ألم في القدم.
  • لصقات مسكنة للألم: مثل لصقة الليدوكايين (Lidocaine patch) والتي تُوضَع على الجلد مباشرةً بهدف تخفيف الألم.[٩]
  • دواء البريجابالين: (Pregabalin)، المعروف باسم ليريكا (®Lyrica)، وتوصي الجمعية الأمريكية للسكري بأن يكون هذا الدواء من الخيارات الأولية للتخفيف من الألم المرتبط باعتلال العصب السكري،[١٠] وهو من أدوية مضادات الاختلاج التي تساعد على إبطاء انتقال الإشارات العصبية للألم، وتجدر الإشارة إلى أنّه قد يُسبِّب الشعور بالدوخة، والرغبة الشديدة في النوم، بالإضافة إلى الغثيان، وزيادة الوزن.[٩]
  • دواء غابابنتين: (Gabapentin)، المعروف باسم نيورونتين (®Neurontin)، وهو أيضًا من مضادات الاختلاج، الذي يُشابه دواء البريجابالين بآلية العمل، والآثار الجانبية التي قد تنتج عنه.[٩]
  • أدوية مضادات الاكتئاب: تساعد هذه الأدوية على منع وصول الإشارات العصبية للألم إلى الدماغ، كما قد تحفِّز إفراز مادة الأندورفين (Endorphins) داخل الجسم المساعدة على التخفيف من الألم، وتجدر الإشارة إلى وجود العديد من الأدوية التي قد يوصي الطبيب باستخدامها ضمن هذه المجموعة، مثل: دواء دولوكستين (Duloxetine)،[٩] والذي أيضًا يعد من الخيارات الأولية للعلاج بناءً على توصيات الجمعية الأمريكية للسكري.[١٠]
  • مسكنات الألم الأفيونية: (Opioids) مثل: الترامادول (Tramadol) المعروف باسم الترامال، والمُستخدَم للتخفيف من الألم الشديد بسرعة، وتجدر الإشارة إلى ضرورة الالتزام بتوصيات الطبيب حول جرعات الدواء، إذ إنّه قد يؤدي إلى تعوّد الجسم عليه والإدمان، كما أنّه قد يُسبِّب الشعور بالدوخة، والغثيان، والإمساك،[٩] وفي الحقيقة عادةً ما يوصي الطبيب باستخدام هذه الأدوية في حال فشل العلاجات الأخرى بالسيطرة على الألم.[١٠]


العناية بالقدم

يؤثر اعتلال العصب السكري في الأعصاب الحسيّة المسؤولة عن الشعور بالألم والحرارة، خصوصًا تلك الموجودة في اليدين والقدمين، فيفقد الشخص إحساسه بهذه المنطقة، ممّا قد يؤدي إلى تحوّل الجروح البسيطة فيها إلى تقرحات وعدوى شديدة، دون إدراك الشخص لذلك، لذا يعدّ من الضروري جدًا العناية بالقدم لتجنُّب المضاعفات الناتجة عن ذلك كالحاجة إلى البتر في الحالات الشديدة، ومن التدابير المساعدة على ذلك:[١١][١٢]

  • فحص القدمين يوميًا: للتأكُّد من خلوها من أي جروح، أو تقرحات، أو تشققات، ومراجعة الطبيب في حال ملاحظة أي شيء غير اعتيادي.
  • المحافظة على نظافة القدمين وجفافهما: وذلك بغسلها بماء فاتر وصابون لطيف، ومن ثم تجفيفهما جيدًا، والحرص على تنظيف المنطقة بين الأصابع.
  • ترطيب القدمين.



يجدر التنويه إلى ضرورة تجنُّب وضع أي كريمات بين أصابع القدمين؛ إذ قد يؤدي ذلك إلى نموّ الفطريات هناك.


  • قص أظافر القدمين باستقامة وبعناية: كما يُنصَح ببرد الأظافر، لتجنُّب وجود أي أطراف حادّة.
  • ارتداء جوارب نظيفة وجافة: ويُنصَح باختيار تلك الجوارب المصنوعة من القطن، والتي تخلو من أي أربطة ضيقة أو دروز سميكة.
  • ارتداء أحذية مبطَّنة وذات مقاس مناسب: فتساعد هذه على حماية القدم من أي إصابات، والوقاية من الإصابة بمسمار القدم.


العلاج الطبيعي

يهدف العلاج الطبيعي إلى التخفيف من الألم، والتقليل من خطر التعوّد على بعض المسكنات، كما يساعد على التخفيف من الوخز والتنميل، وتشنجات العضلات وضعفها، ويجدر التنويه إلى ضرورة الالتزام بتعليمات الأخصائي لتجنُّب إيذاء القدم أثناء جلسات العلاج الطبيعي، ويوجد العديد من طرق العلاج الطبيعي التي قد تساعد الأشخاص المُصابين باعتلال العصب السكري مثل:[١٣]

  • التدليك أو المعالجة اليدوية: تساعد هذه العلاجات على إرخاء العضلات، كما قد تساعد على الوقاية من تشنج العضلات وضمورها، والذي قد ينتج عن انخفاض التروية الدموية لها.
  • التمارين الرياضية الخاصة: كالسباحة، وغيرها من التمارين التي تساعد على تقوية العضلات والحفاظ عليها.
  • التحفيز الكهربائي للعصب: (Electrical nerve stimulation) قد تساعد هذه على التخفيف من التصلُّب، وتسهيل التعافي من تقرحات القدم.
  • أجهزة خاصة لمنع ارتطام القدم: فتساعد هذه على الوقاية من ارتطام القدم بالكرسي أو السرير.
  • إعادة التدريب على المشي: الأمر الذي قد يساعد على الوقاية من حدوث أي إصابات في القدم وما يرتبط بذلك من مضاعفات، ويعدّ هذا ضروريًا للأشخاص الذين يستخدمون الأطراف الصناعية.
  • العلاج بالأشعة فوق الصوتية: تُستخدَم فيه موجات عالية التردُّد لتحفيز الأنسجة تحت الجلد، الأمر الذي قد يساعد على استعادة حساسية الأقدام.


السيطرة على مضاعفات اعتلال العصب السكري

يختلف العلاج هنا من مريض إلى آخر بناءً على المضاعفات الناتجة عن اعتلال العصب السكري، ويمكن بيان بعض التدابير والعلاجات المساعدة على التخفيف من بعض المضاعفات على النحو الآتي:[٣][١٤]

  • علاج انخفاض الضغط الدم الانتصابي: (orthostatic hypotension) وهو انخفاض الدم الذي يحدث عند الوقوف؛ إذ قد يؤثر اعتلال العصب السكري في الأعصاب المسؤولة عن السيطرة على مستويات ضغط الدم داخل الجسم، وتتضمن العلاجات والتدابير المساعدة على السيطرة عليه:
  • تغيير وضعية الجسم بشكل تدريجي وببطء، كما هو الحال عند الوقوف أو الجلوس.
  • شرب كميات كافية من السوائل يوميًا.
  • تجنُّب شرب المشروبات الكحولية.
  • النوم مع رفع الرأس حوالي 15-25 سنتمترات.
  • ارتداء أحزمة خاصة للبطن بناءً على توصيات الطبيب.
  • أخذ بعض الأدوية المساعدة على علاج انخفاض ضغط الدم الانتصابي بناءً على توصيات الطبيب.
  • علاج مشاكل الجهاز الهضمي: قد يؤثر اعتلال العصب السكري في الأعصاب المغذية للمعدة والأمعاء، ممّا قد يؤدي إلى الإصابة بالحرقة، وعسر الهضم، والغثيان، والتقيؤ، والإسهال، والإمساك، ومن التدابير المساعدة على العلاج:
  • تناول وجبات صغيرة متكررة، ممّا يساعد على علاج عسر الهضم، والغثيان، والتقيؤ.
  • أخذ بعض الأدوية بناءً على توصيات الطبيب.
  • علاج المشاكل الجنسية: قد يؤدي اعتلال العصب السكري إلى الإصابة بضعف الانتصاب عند الرجال، وقد يوصي الطبيب أحيانًا باستخدام بعض الأدوية لعلاج ذلك، كما قد يساعد استخدام المزلقات المهبلية بعض النساء على علاج مثل هذه المشاكل. (للمزيد: السكري والإنجاب لدى الرجال)
  • علاج مشاكل التعرُّق: قد يصف الطبيب بعض الأدوية التي تُطبَق على الجلد مباشرةً لعلاج مشاكل التعرُّق، إذ قد يؤثر اعتلال العصب السكري على الأعصاب المغذيّة للغدد العرقية، ممّا يُسبِّب فرط التعرُّق بعد تناول الطعام.
  • علاج مشاكل الجهاز البولي: قد يؤثر اعتلال العصب السكري في الأعصاب المغذية للمثانة مُسبِّبًا سلس البول، أو عدم القدرة على إفراغ المثانة بالكامل، ممّا قد يزيد من احتمالية الإصابة بعدوى المسالك البولية، وتتضمن العلاجات ما يأتي:[١١]
  • الحرص على التبوّل ضمن جدول محدّد أو كل بضع ساعات مع تطبيق بعض الضغط على المنطقة الواقعة أسفل سرة البطن.
  • استخدام أنابيب القسطرة التي يمكن تركيبها من قبل المريض بناءً على توصيات الطبيب.
  • تغيير أو إيقاف بعض الأدوية التي تؤثر في عمل المثانة بناءً على توصيات الطبيب.


المكملات الغذائية

قد تساعد بعض المكملات الغذائية على التخفيف من الألم المرتبط باعتلال العصب السكري، لكن يُنصَح دائمًا باستشارة الطبيب قبل تناول أي منها، وتتضمن هذه المكملات الغذائية الآتية:[٧]

  • فيتامين د: قد تساعد هذه المكملات على التخفيف من الألم، خصوصًا في حال صعوبة الحصول على الاحتياج اليومي من فيتامين د عن طريق تناول الطعام فقط.
  • فيتامين ب المركب: تعدّ مجموعة فيتامينات ب من الفيتامينات الضرورية للحفاظ على صحة الأعصاب، خصوصًا فيتامين ب12 وفيتامين ب6.
  • حمض ألفا ليبويك: (Alpha-lipoic acid) وهو من مضادات الأكسدة التي قد تساعد على السيطرة على مستويات السكر في الدم، والتخفيف من الألم، كما قد تقي من تلف الأعصاب.

المراجع

  1. ↑ "Diabetic Neuropathy", Cedars-Sinai, Retrieved 14/1/2021. Edited.
  2. ↑ "diabetic neuropathy", Diabetes UK, Retrieved 14/1/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت drugs.,Neurontin) also is an option. "Diabetic neuropathy", Mayo Clinic, 3/3/2020, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Dianna Quan (28/7/2020), "Diabetic Neuropathy Treatment & Management", Medscape, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  5. ↑ Eva L Feldman (26/6/2020), "Management of diabetic neuropathy", UpToDate, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  6. ↑ "Monitoring Your Blood Sugar", CDC, 20/3/2019, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  7. ^ أ ب Michael Dansinger (8/12/2015), "Peripheral Neuropathy and Diabetes", WebMD, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  8. ↑ Eera Jain, and Leonard Goldstein (12/6/2012), "Pain Management of Diabetic Neuropathy", Practical Pain Management, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت ث ج ح Daniel J. Toft (7/8/2014), "Medications to Treat Diabetic Peripheral Neuropathy", EndocrineWeb, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  10. ^ أ ب ت Thomas G. Ciccone (3/2/2017), "ADA Releases New Guidelines on Managing Diabetic Peripheral Neuropathy", Practical Pain Management, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  11. ^ أ ب "Diabetic neuropathy"، St. Elizabeth Healthcare، 3/3/2020، اطّلع عليه بتاريخ 13/1/2021. Edited.
  12. ↑ "Neuropathy", Diabetes.co.uk, 15/1/2019, Retrieved 14/1/2021. Edited.
  13. ↑ Yvette Brazier (19/3/2019), "What to know about diabetic neuropathy", MedicalNewsToday, Retrieved 13/1/2021. Edited.
  14. ↑ Chris Illiades (1/6/2019), "Medications for Diabetic Neuropathy", Healthgrades, Retrieved 13/1/2021. Edited.